الحمد لله الذي اختار من الأزمان مواسم للخير، وفضّل بعضها على بعض، فجعل العشر الأوائل من ذي الحجة أفضل أيام الدنيا، واختصها بفيض من الفضل والبركات، ليزداد العبد فيها قربًا، وترتقي فيها القلوب مراتب الإيمان.

أمةٌ مكرّمة.. وشريعةٌ ميسّرة

نحن أمة محمد ﷺ، أمة مرحومة، مفضّلة على سائر الأمم، شريعتنا أيسر، وأعمالنا أقل، لكن الأجر فيها مضاعف. فكم من عمل يسير تُرجى به الجنة! وكم من نية صادقة تُرفع بها الدرجات!

في الصحيحين قال النبي ﷺ: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام” يعني: العشر. فسألوه: “ولا الجهاد في سبيل الله؟” قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء”.

فانظري رحمكِ الله! أيُّ فضلٍ هذا؟! أعمال قليلة، لكن لها في الميزان ثقل الجبال.

مفاتيح التوفيق في العشر

ليست العبرة بكثرة الأفعال، بل بالتوفيق لفعلها. وكثيرٌ من الناس تمر عليه هذه الأيام، فلا يشعر بتميزها، ولا يتحرك قلبه لها.. فكيف نُرزق التوفيق فيها؟

  1. صدق النية: من نوى أن يُجاهد نفسه ويغتنم هذه الأيام، أعانه الله، ولو حالت بينه وبين بعض الأعمال الظروف. فالنية باب التوفيق.
  2. كثرة الذكر: قال ﷺ: “فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”، الذكر حياة القلوب، وسبب عظيم للثبات.
  3. دعاء الاستعانة: أن تسألي الله أن يبلغك هذه الأيام، وأن يعينك على قيامها وذكره وشكره وحسن عبادته.
  4. تذكير النفس بالفضل: كلما ضعفت الهمة، فاذكّري نفسك أن هذه الأيام هي أغلى فرصة في العام كله. لا تفوّتيها.

أعمال تُحب في هذه الأيام
• الصيام، خاصة يوم عرفة.
• التهليل والتكبير والتحميد.
• قراءة القرآن.
• التوبة الصادقة.
• الصدقة، ولو بالقليل.
• صلة الرحم.
• الأضحية لمن استطاع.

همسة قلبية:

إذا رأيتِ قلبك يقبل على الطاعة في هذه الأيام، فاحمدي الله على نعمة التوفيق، فهي أعظم من الدنيا وما فيها. وإن وجدتِ تثاقلًا أو غفلة، فاستعيذي بالله من الحرمان، وأكثري من الدعاء، فالقلوب بيد الرحمن.

ويا سُعد من أكرمه الله بقيام العشر، فبذر فيها الطاعات، وسقى عمله بالإخلاص، وانتظر الثمرات من الله لا من الناس.

اللهم اجعلنا من المقبولين، ووفقنا فيها لصالح الأعمال، وأعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.