
الليل وصلاة التراويح من أعظم العبادات التي ترفع العبد عند الله، وتكفر الذنوب، وتملأ القلب نورًا، وتورث الطمأنينة وهي ليست مجرد صلاة، بل دواء للقلب، وسر السعادة، وطريق الفلاح في الدنيا والآخرة
يُعدّ قيام الليل وصلاة التراويح من أعظم العبادات التي أوصى بها القرآن الكريم والسنة النبوية، ولهما أثر عظيم في تزكية النفس وتقوية الصلة بالله.
وقد تناول الإمام ابن القيم الجوزية هذه العبادة في كتابه مدارج السالكين، موضحًا فضلها وأثرها على القلب والروح، ومكانتها بين أعمال الصالحين.
- قيام الليل من دلائل الإيمان الصادق
يؤكد ابن القيم أن قيام الليل علامة من علامات الإيمان القوي، إذ يقول:
“فقيام الليل هو موجب الإيمان ولوازمه، فلا بد أن يقارنه ويصحبه وإلا فليس بإيمان كامل” (مدارج السالكين، 1/459).
وهذا يعني أن المؤمن الحق هو الذي يُقبل على قيام الليل حبًا لله، لا مجرد أداء للعبادة، فقيام الليل ليس فرضًا لكنه سرٌ من أسرار التقوى.
- أثر قيام الليل في تزكية القلب والروح
يشير ابن القيم إلى أن قيام الليل من أعظم أسباب صفاء القلب ونقائه، حيث يقول:
“فإن قيام الليل يملأ القلب نورًا، ويزيده قوة وثباتًا، ويدفع عنه آثار الذنوب والمعاصي” (مدارج السالكين، 2/95).
فقيام الليل ليس مجرد صلاة يؤديها العبد، بل هو دواء للقلب، وتصفية للروح، وتقوية للعلاقة بالله، مما يجعل المؤمن أكثر صبرًا وثباتًا في وجه الفتن والمحن.
- شرف المؤمن في قيام الليل
يذكر ابن القيم الحديث النبوي:
“شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس” (رواه الحاكم).
ثم يعلق قائلًا:
“فقيام الليل يرفع العبد عند الله، ويجعله من المقربين، ويفتح له أبواب الفضل والخير” (مدارج السالكين، 2/70).
وهذا يدل على أن قيام الليل ليس مجرد نافلة، بل هو سبب لنيل الشرف الحقيقي، فهو يجعل العبد قريبًا من الله، مستغنيًا عن الدنيا وأهلها متوجهًا إلى ربه وحده.
- فضل صلاة التراويح في رمضان
في شهر رمضان، يكون لقيام الليل أثرٌ خاص، حيث تشرع صلاة التراويح، ويقول ابن القيم عن ذلك:
“قيام الليل في رمضان له روحانية خاصة، وهو من أسباب تكفير الذنوب، ورفع الدرجات، ومضاعفة الحسنات” (مدارج السالكين، 2/110).
ويستدل بحديث النبي ﷺ:
“من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري ومسلم).
ويُظهر هذا الحديث كيف أن التراويح ليست مجرد صلاة إضافية، بل هي فرصة عظيمة لمغفرة الذنوب، وزيادة القرب من الله.
- قيام الليل طريق إلى الجنة
يذكر ابن القيم أن أهل الجنة كانوا من أهل قيام الليل، ويستدل بقوله تعالى:
“كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ، وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” (الذاريات: 17-18).
ثم يقول:
“فقيام الليل سرٌ من أسرار النجاة يوم القيامة، ودليل على حب العبد لخالقه، ومنزلته عند ربه” (مدارج السالكين، 2/95).
وهذا يبين أن قيام الليل ليس مجرد عبادة مستحبة، بل هو مفتاح لدخول الجنة، لأنه يرفع درجات العبد، ويجعله من الصالحين الذين يحبهم الله.